**** من الأدب مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- احترام سنته وشرعه ****
قال ابن القيم في "مدارج السالكين..."(ج2ص387-388) [1]: "وأما الأدب مع الرسول : فالقرآن مملوء به.
فرأس الأدب معه : كمال التسليم له ، والإنقياد لأمره ، وتلقي خبره بالقَبول والتصديق ، دون أن يحمله معارضة خيال باطل ، يسميه معقولا. أو يحمله شبهة أو شكا ، أو يقدم عليه آراء الرجال ، وزُبَالات أذهانهم ، فيوحده بالتحكيم والتسليم ، والإنقياد والإذعان.كما وحد المرسل سبحانه وتعالى بالعبادة والخضوع والذل والإنابة والتوكل.
فهما توحيدان. لا نجاةَ للعبد من عذاب الله إلا بهما : توحيد المرسِل ، وتوحيد متابعة الرسول. فلا يحاكم إلى غيره ، ولا يرضى بحكم غيره ، ولا يقف تنفيذ أمره وتصديق خبره على عرضه على قول شيخه وإمامه ، وذوي مذهبه وطائفته ، ومن يعظمه :
فإن أذنوا له نفذه وقبل خبره ، وإلا فإن طلَبَ السلامة : أعرض عن أمره وخبره وفوّضه إليهم وإلا حرّفه عن مواضعه. وسمى تحريفه : تأويلا وحملا. فقال : نؤوله ونحمله.
فلَأَن يلقى العبد ربه بكل ذنب على الإطلاق - ما خلا الشرك بالله- خير له من أن يلقاه بهذه الحال .
ولقد خاطبت يوما بعض أكابر هؤلاء. فقلت له : سألتك بالله. لو قُدر أن الرسول - صلى الله عليه وسلم- حي بين أظهرنا. وقد واجهنا بكلامه وبخطابه : أكان فرضا علينا أن نتبعه من غير أن نعرضه على رأي غيره وكلامه ومذهبه ، أم لا نتبعه حتى نعرض ما سمعناه منه على آراء الناس وعقولهم؟
فقال : بل كان الفرض المبادرة إلى الإمتثال من غير التفات إلى سواه فقلت : فما الذي نسخ هذا الفرض عنا وبأي شيء نسخ فوضع إصبعه على فيه وبقي باهتا متحيرا وما نطق بكلمة؟".اهـ.
---------------------------------------
[1] طبعة دار "الكتاب العربي" بتحقيق محمد حامد الفقي.