تنبيه |
|
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 1 | |||||
|
![]() المجلس الأول من شرح منظومة سلم الوصول للحافظ الحكمي
|
|||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 2 | |||||
|
![]() المجلس الثاني من شرح منظومة سلم الوصول للحافظ الحكمي
|
|||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 3 | |||||
|
![]() المجلس الثالث من شرح منظومة سلم الوصول للحافظ الحكمي
|
|||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 4 | |||||
|
![]() المجلس الرابع من شرح منظومة سلم الوصول للحافظ الحكمي
|
|||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 5 | |||||
|
![]() المجلس الخامس من شرح منظومة سلم الوصول للحافظ الحكمي شرح الدكتور عبد الله الجنابي. الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك علَى محمد عبده ونبيّه وعلى آله وصحبه والتابعين، وبعد: فهذا هو الدرس الخامس من شرح ( سُلَّم الْوُصُولِ إِلَى عِلْمِ الْأُصُولِ فِي تَوْحِيدِ اللَّهِ وَاتِّبَاعِ الرَّسُولِ ) لِلْعَلاَّمَةِ الحافظ : حَافِظِ بْنِ أَحْمَدَ الْحَكَمِيِّ ـ رحمه الله تَعَالَى. وقد انتهى بنا الكلام في مجلسٍ سبق، عن صفة العلو للرب جل في علاه. قال الناظم رحمه الله تعالى : 30- الْأَحَدُ الْفَرْدُ الْقَدِيرُ الَأَزَلِي الصَّمَدُ الْبَرُّ الْمُهَيْمِنُ الْعَلِي 31 - عُلُوَّ قَهْرٍ وَعُلُوَّ الشَّانِ جَلَّ عَنِ الْأَضْدَادِ وَالْأَعْوَانِ 32 - كَذَا لَهُ الْعُلُوُّ وَالْفَوْقِيَّهْ عَلَى عِبَادِهِ بِلَا كَيْفِيَّهْ 33 - وَمَعَ ذَا مُطَّلِعٌ إلَيْهِمْ بِعِلْمِهِ مُهَيْمِنٌ عَلَيْهِمْ 34 - وَذِكْرُهُ لِلْقُرْبِ وَالْمَعِيَّةِ لَمْ يَنْفِ لِلْعُلُوِّ وَالْفَوْقِيَّةِ 35 - فَإِنَّهُ الْعَلِيُّ فِي دُنُوِّهِ وَهْوَ الْقَريِبُ جَلَّ فِي عُلُوِّهِ فصفةُ العليِّ والأعلى والمُتعال، كلُّ ذلك ورد في كتاب الله تبارك وتعالى فهذا يفيد علوَّ ذات الربِّ تبارك وتعالى على خلقه، وقد ورد في مواطن كثيرة من كتاب الله عز وجل ذكر هذه الصفة كقوله تعالى: {وَلَا يَؤودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ( ٢٥٥ ) } [سورة البقرة]. وقوله جلّ في علاه: { ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ ، وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ( ٦٢ ) } [سورة الحج]. وقوله تباركت أسماءه : { فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ ( ١٢ ) } [سورة غافر] . وقوله جلَّ وعلا: { إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ( ٥١ ) } [سورة الشورى] . وورد وصف الأعلى له في قوله تعالى: { سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ( ١ ) } [سورة الأعلى]. وقوله جلّ في علاه : { إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى ( ٢٠ ) } [سورة الليل] . وأما المتعال فقد ورد في قوله جلّ في علاه: { عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ ( ٩ ) } [سورة الرعد]. فربنا جلّ في علاه عليّ، متعالٍ، أعلى، وهذا العلو يفيد الإرتفاع على الخلق ، وارتفاع مكانه عن أماكن خلقه جلّ في علاه؛ لأنه سبحانه وتعالى فوق جميع خلقه والخلقُ دونه، وقد وصف نفسه بأنه على العرش، فهو عالٍ بذلك عليهم. وفي معنى العلو التي يتضمَّنها هذا الاسم الجليل هو القَهْر، بمعنى أنه قهر الخلق جميعاً ، وعلا عليهم جميعا، فكلٌّ تحت قهره، وكلٌّ تحت سلطانه، وكلٌّ تحت عظمته، لا إلٰه إلا هو لا ربَّ سواه، جلّ في علاه ؛ لأنه العظيم الذي لا أعظم منه، والعليّ الذي لا أعلى منه، والكبير الذي لا أكبر منه تعالى عمَّا يقول الظالمون المعتدون علوًّا كبيراً، أفاده البغوي في التفسير رحمه الله تعالى . فهذا الوصف بالعلو هو العلو المطلق من جميع الجهات، علوُّ ذاتٍ وعلوُّ قدرٍ وعلوُّ صفةٍ وعلوُّ قهرٍ، فهو الذي على العرش استوى وعلى الملك احتوى، وبجميع صفات العظمة والكبرياء والجلال والجمال وغاية الكمال اتصف ، وإليه فيها المنتهى سبحانه وتعالى. وقد ذكر المحقق ابن القيم رحمه الله في " نونيّته " قال: وهو العلي فكل أنواع العلــــــــو له فثابتة بلا نكران وهذه الصفة أيضاً ثبتت في أحاديث كثيرة منها حديث النبي حين سأل الجارية : " فَقَالَ لَهَا : " أَيْنَ اللَّهُ ؟ " قَالَتْ : فِي السَّمَاءِ. قَالَ : " مَنْ أَنَا ؟ " قَالَتْ : أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ. قَالَ : " أَعْتِقْهَا، فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ ". الحديث... رواه مسلم وغيره. ففي هذا الحديث دليل على أنَّ الرجل إذا لم يعلم أنَّ الله عزَّ وجلَّ في السماء دون الأرض فليس بمؤمن. ومن ذلك أحاديث المعراج النبوي الشريف، وهي أحاديث ذكر بعض أهل العلم أنها متواترة ، وأجمع عليها سلف الأمة وأئمّتها. ومنه قول النبي في صحيح مسلم من حديث أبي موسى قال قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ، فَقَالَ : " إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَنَامُ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ ، وَيَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ حِجَابُهُ النُّورُ ". وفي حديث أبي هريرة أنَّ رسول الله قال : " يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، فَيَسْأَلُهُمْ - وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ - : كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي ؟ فَيَقُولُون : تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ ". رواه البخاري ومنه حَدِيث أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا مِنْ رَجُلٍ يَدْعُو امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهَا، فَتَأْبَى عَلَيْهِ إِلَّا كَانَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ سَاخِطًا عَلَيْهَا حَتَّى يَرْضَى عَنْهَا ". رواه مسلم، وغير ذلك من الأحاديث التي تدل على اثبات العلو لله تبارك وتعالى . وذكر المحقق ابن القيم تعالى: أنَّ علوَّ الله جل في علاه بذاته على خلقه له أدلة كثيرة، وأنه يدخل تحت ذلك أنواع وأن كل نوع تحته أفراد، فمن ذلك أنَّ الله جلَّ وعلا صرَّح بوصف العلوّ في آيات عدّة ، وقد ذكرنا طرفا مِنْهَا. ومنْهَا : قوله تعالى : {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ( ٢٥٥ ) } [سورة البقرة]. ومنها : التصريح بفوقيّته جلّ في علاه مثل قوله تعالى: { يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ( ٥٠ ) } [سورة النحل]. ومنها : التصريح بأنه في السماء كقوله تعالى: { أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ ( ١٦ ) } [سورة الملك]. وقول النبي صلوات الله وسلامه عليه: "قَالَ : " أَلَا تَأْمَنُونِي، وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ، يَأْتِينِي خَبَرُ السَّمَاءِ صَبَاحًا وَمَسَاءً ؟ " رواه البخاري . ومن ذلك الإخبار برفعه بعض خلقه إليه كسيّدنا عيسىٰ في قوله تعالى: { بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ( ١٥٨ ) } [سورة النساء]. ومنها أيضاً : الإخبار بعروج الملائكة إليه كقوله تعالى: { تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ( ٤ ) } [سورة المعارج]. ومنه : الإخبار بصعود الكلم الطيب والعمل الصالح إليه كقوله تعالى: { مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ ( ١٠ ) } [سورة فاطر]. ومنها أيضاً : إخباره عن بعض مخلوقاته بأنها عنده تبارك وتعالى، قال جلَّ وعلا : { إِنَّ الَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ ( ٢٠٦ ) } [سورة الأعراف] . وقال : { وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِندَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ ( ١٩ ) } [سورة الأنبياء] . وبهذا يُستدل على علوِّ الله تبارك وتعالى . وبه ردٌّ على قول أهل الباطل أنَّ الله تبارك وتعالى في كل مكان، والله جلّ وعلا منزَّهٌ عن ذلك كله، بل هو في العلو. وليس معنى هذا أنَّه بعيد عن خلقه، بل تبارك وتعالى مع علوِّه فوق سماواته على عرشه وبَيْنونَتِه من خلقه محيطٌ بكل شيء من أمر خلقه، فالربُّ تبارك وتعالى مع علوه وقهره وغلبته وتنزُّهِهِ عن الأضداد والأعوان، وأنَّ له العلوّ والفوقية بلا كيفية، فلا يماثلها شيء ولا يُشَابِهُها شيء { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ( ١١ ) } [سورة الشورى]. وعلوّه لا يمنع من اطّلاعه على خلقه بعلمه فهو معهم عالم بأحوالهم، مهيمن عليهم، وقربه منهم ومعيّته معهم لا ينفي أنَّه عالٍ فوقهم، فهو عليّ في دنوّه ، قريب َ في علوه سبحانه تبارك وتعالى. وفي الحديث أنه كان بعض الصحابة يرفعون أصواتهم في الدعاء فعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ ، قَالَ : كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ، فَكُنَّا إِذَا أَشْرَفْنَا عَلَى وَادٍ هَلَّلْنَا وَكَبَّرْنَا، ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُنَا، فَقَالَ النَّبِيُّ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أرْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ ؛ فَإِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا، إِنَّهُ مَعَكُمْ، إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ، تَبَارَكَ اسْمُهُ وَتَعَالَى جَدُّهُ ". وفي رواية : إنه أقرب إليكم من أعناق رواحلكم. لا تدعون أصمّ أي الذي لا يسمع، ولا غائب، فأنتم تدعون العليّ السميع البصير الذي هو معكم وأحاط بشأنكم فهذا من كماله فهو مع علوّ مقامه ومكانته وفوقيّته على خلقه قريب مِنْهُم، معهم، مطَّلِعٌ عليهم، لا تنافي بيّن علوّه وقربه من خلقه وله من ذلك كله الكمال المطلق والجمال المطلق والجلال المطلق تبارك ربنا وتعالى. قال الحافظ ابن رجب رحمه الله في فتح الباري له : " ولم يكن أصحاب النبي يفهمون من هذه النصوص غير المعنى الصحيح المراد بها ، يستفيدون بذلك معرفة عظمة الله وجلاله ، وإطلاعه على عباده وإحاطته بهم ، وقربه من عابديه ، وإجابته لدعائهم ، فيزدادون به خشية لله وتعظيما وإجلالا ومهابة ومراقبة واستحياء ، ويعبدونه كأنهم يرونه . ثم حدث بعدهم من قلَّ ورعه ، وساء فهمه وقصده ، وضعفت عظمة الله وهيبته في صدره ، وأراد أن يري الناس امتيازه عليهم بدقة الفهم وقوة النظر ، فزعم أن هذه النصوص تدل على أن الله بذاته في كل مكان ، كما يحكى ذلك عن طوائف من الجهمية والمعتزلة ومن وافقهم ، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً ، وهذا شيء ما خطر لمن كان قبلهم من الصحابة ، وهؤلاء ممن يتبع ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ، وقد حذر النبي أمته منهم في حديث عائشة الصحيح المتفق عليه . وتعلقوا – أيضاً - بما فهموه بفهمهم القاصر مع قصدهم الفاسد بآيات في كتاب الله ، مثل قوله تعالى : ( وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ ( [ الحديد : 4 ] وقوله: ( مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ ( [ المجادلة : 7 ] ، فقال من قال من علماء السلف حينئذ : إنما أراد أنه معهم بعلمه ، وقصدوا بذلك إبطال ما قاله أولئك ، مما لم يكن أحد قبلهم قاله ولا فهمه من القرآن" .
|
|||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 6 | |||||
|
![]() المجلس السادس من شرح منظومة سلم الوصول للحافظ الحكمي شرح الدكتور عبد الله الجنابي. الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على محمد عبده ونبيه وعلى آله وصحبه والتابعين. وبعد: هذا هو الدرس السادس من شرح ( سُلَّم الْوُصُولِ إِلَى عِلْمِ الْأُصُولِ فِي تَوْحِيدِ اللَّهِ وَاتِّبَاعِ الرَّسُولِ ) لِلْعلامة الحافظ حَافِظِ بْنِ أَحْمَدَ الْحَكَمِيِّ رحمه الله تَعَالَى . وقد انتهى بنا الكلام إلى قوله رحمه الله تعالى رحمة واسعة: 36. حيٌّ وقيومٌ فلا ينامُ وجَلَّ أن يُشبِهَه الأنامُ يذكر تبارك وتعالى في هذا النظم صفة الحياة لله جلّ في علاه، واسمه " الحيّ " . وهذا الاسم الكريم قد تكرر ذكره في آيات عدّة في كتاب الله تبارك وتعالى منها: { اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ... ( ٢٥٥ )} الآية، [سورة البقرة]. وقوله جل في علاه: { الم ( ١ ) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ( ٢ ) } [سورة آل عمران]. وقوله تبارك وتعالى: { وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا ( ١١١ ) } [سورة طه] . وقوله جل وعلا: { وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا ( ٥٨ ) } [سورة الفرقان]. وقوله تبارك وتعالى: { هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ( ٦٥ ) } [سورة غافر]. فهذه الآيات التي ورد فيها اسم " الحيّ " وهذا الاسم لله تبارك وتعالى صفة الكمال المطلق، فحياته دائمة لا تنقطع ، وبقاءه لا أوَّل له ، ولا آخر جلّ في علاه. ومعنى ذلك أنَّ الحياة الدائمة هذه له صفة ملازمة كانت وما تزال ، والربُّ تبارك وتعالى لمَّا وصف نفسه بالحياة معنى ذلك أنَّ له حياة. ولما وصف نفسه بالعلم أفاد أنَّ له علما، ولمّا وصف نفسه بالقدرة فإن معنى ذلك أن له قدرة . فإذاً حياة الله جلَّ وعلا لا فناء لها ولا انقطاع لها. فهي تخالف حياة المخلوقين، فربنا حيٌّ لا يموت ، ولا يبيد ، ولا ينقطع ، دام وجوده ، وعزَّ نواله، تباركت اسماءه، وتعالت صفاته. فالربُّ جل وعلا ، حيٌّ موصوف بالحياة ، وحياته مباينة لحياة خلقه ، فالربُّ تبارك وتعالى لا تحدث له الحياة بعد موت، بل هو موصوف بها ابتداءً وانتهاءً ، وكلّ شيء هالك إلا وجهه ، فحياته صفة قائمة بذاته. وذكر الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى في قوله جلّ وعلا: " الحيّ القيىوم " أي: الحيّ في نفسه الذي لا يموت أبداً. وأما القيوم فسيأتي عليها الكلام قريباً. ولا شكَّ أنَّ لهذا الاسم العظيم آثاراً ايمانية، ومن هذه الآثار اعتقاد أنَّ الله تبارك وتعالى حيٌّ بحياة هي له صفة ، حيٌّ أبداً لا يموت ، والإنس والجن وكلّ من عليها فانٍ ، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام. فحياة الربِّ تبارك وتعالى أكمل الحياة، وحياة الربّ أتمُّ الحياة، وإذا ثبت له الكمال المطلق في ذلك استلزم أيضاً نفي كلّ ما يضاد كمال هذه الحَيَاة. حيانه لا تشابه حياة خلقه ، فلا يجري عليها موت، ولا يجري عليها فناء، ولا يعتريها وتأخذها سِنَةٌ كما ذكر الربّ تبارك وتعالى ذلك في كتابه ، وقال نبيّه صلوات الله وسلامه عليه: كما هو عَنْ أَبِي مُوسَى ، قَالَ : قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ، فَقَالَ : " إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَنَامُ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ ، وَيَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ حِجَابُهُ النُّورُ ". وَفِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ : " النَّارُ لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ " رواه البخاري. وفي دعاء النبيّ أنه كان يقول كما جاء عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَانَ يَقُولُ : " اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ ، وَبِكَ آمَنْتُ ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ ، وَبِكَ خَاصَمْتُ ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَنْ تُضِلَّنِي ، أَنْتَ الْحَيُّ الَّذِي لَا يَمُوتُ ، وَالْجِنُّ وَالْإِنْسُ يَمُوتُونَ ". رواه مسلم. فهذا هو ما ذكرناه من معنى وصف الرب جلَّ وعلا ، بأنه الحيّ كما دلَّ على ذلك الكتاب والسُّنّة. وأما الوصف الآخر الذي ذكره الناظم تبارك تعالى من وصف الربّ بالقيّوميّة، فالقيوم أيضاً جلّ في علاه ورد ذكره في القرآن في مواطن ثلاثة، أولها في سورة البقرة وهو قوله تعالى: { اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ... ( ٢٥٥ )} الآية [سورة البقرة] ، وقوله جلَّ وعلا في سورة "آل عمران" { الم ( ١ ) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ( ٢ ) } [سورة آل عمران]. وقوله في سورة "طه" وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا ( ١١١ ) } [سورة طه]. وقد تَلْحَظُ هنا أنَّ القيوم سُبِق بالحيّ واقترن به، فإذاً ما هو معنى القيوم وما هو معنى القائم مما يتعلق معناه بالله تَبَارَك وتعالىٰ. الربُّ جلّ وعلا وصف نفسه ، وذكر نفسه بأنه قائم بأمر كل شيء ، قائم بأمر الخلق، قائم بأمر السمٰوات والأرض سبحانه وتعالى، قائم بشأن الأرزاق، يُدبِّر ويُصرِّف ويفعل ما يريد جلَّ في علاه ، فالله جلّ وعلا هو القائم بأمر خلقه جميعا { أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ... ( ٣٣ ) } الآية [سورة الرعد]. وقيامه : أي بحفظها ومجازاتها ومحاسبتها، وقيامه دائم فلا يزول ، وهو القيّم على كلّ شيء برعايته سبحانه وتعالى، وقائم بتدبير ما خلق. وذكر العلاّمة ابن سعدي رحمه الله تعالى في بيان معنى الحيّ القيوم قال: كامل الحياة والقائم بنفسه، القيوم لأهل السمٰوات والأرض القائم بتدبيرهم وأرزاقهم وكلّ أحوالهم ، حيّ جامع لصفات الذات ، وقيوم جامع لصفات الأفعال ، قال ابن القيم رحمه الله تعالى : هذا ومن أوصافه القيوم والقيوم في أوصافه أمران إحداهما القيوم قام بنفسه والكون قام به هما الأمران فالأول استغناؤه عن غيره والفقر من كل اليه الثاني والوصف بالقيوم ذو شأن عظيم هكذا موصوفه أيضا عظيم الشان والحي يتلوه فأوصاف الكما ل هما لأفق سمائها قطبان فالحي والقيوم لن تتختلف ال أوصاف أصلا عنهما ببيان فإذاً هنا ذكر الناظم رحمه الله تعالى وصفينِ جليلين لله تبارك وتعالىٰ ، وصف الحياة ، ووصف القيومية ، وهذا معنى أنه قيوم بنفسه لا يحتاج في دوامه أحد ، ولا يحتاج في قيامه إلى أحد ، وكيف يحتاج إلى غيره أو أحدٍ من خلقه وهم أنفسهم لا قيام لهم إلا بإقامة الحي القيوم لهم. فالله تبارك وتعالىٰ مدبر أمر الخلائق في السماء والأرض كلّها محتاجة إليه، وليست قائمة بنفسها بل محتاجة للحي القيوم الذي يرزقها ويحييها ويقيمها. ومن كمال قيُّوميّته جلّ وعلا أنه لا ينام تبارك وتعالى ، ولا تعتريه سِنَةٌ ، ولا تعتريه غفلة، تنزّه عن ذلك كلّه ربنا جلّ وعلا. ومما يلحظ أنّ اسم الحيّ يقترن بالقيوم وأنّ القيوم يقترن بالحي، فالموارد التي ذكر فيها القيوم سبق بوصف الحياة لله تبارك وتعالىٰ، وهذا يستلزم سائر صفات الكمال ، دالّ على البقاء، دالّ على الدوام، دالّ على انتفاء النقص والعدم أزلاً وأبداً؛ ولذلك قال: { اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ... ( ٢٥٥ )} الآية، [سورة البقرة] ، في أعظم آية في القرآن، فعلى هٰذين الاسمين العظيمين مدار الاسماء الحسنى، والقيوم تضمّن كمال غناه وكمال قدرته ، فإنّ القائم بنفسه لا يحتاج إلى غيره بأي وجه من الوجوه. وفي السنة النبوية المطهرة كما في حديث أنس قال: قَالَ : كُنْتُ جَالِسًا مَعَ رسُولِ اللَّهِ فِي الْحَلْقَةِ، وَرَجُلٌ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَلَمَّا رَكَعَ وَسَجَدَ جَلَسَ وَتَشَهَّدَ، ثُمَّ دَعَا فَقَالَ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْمَنَّانُ، بَدِيعَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، يَا حَيُّ، يَا قَيُّومُ ، إِنِّي أَسْأَلُكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ![]() وهذا لا يتنافى أنّ الاسم الأعظم هو الله جلّ في علاه ، إذاً دعاء الله بهذه الأسماء الحسان كما قال الله جل وعلا: { وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ( ١٨٠ ) } [سورة الأعراف] ، هذا من امتثال أمر الربّ لسؤاله بإسماءه وصفاته. وفي حديث أنس" كان يدعو ويقول: يا حيّ ياقيوم " . وفي رواية: " أي حيٌّ أي قيوم ". ومنه حديث أنس لمّا قال النبي لفاطمة: ما يمنعك أن تسمعي ما أوصيك به: أن تقولي إذا أصبحت وإذا أمسيت: يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين. قال المنذري: رواه النسائي والبزار بإسناد صحيح والحاكم وقال: صحيح على شرطهما. اهـ. وحسنه الألباني. وفي مستدرك الحاكم من حديث ابن مسعود قال: قال رسول الله: " من قال أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه غفر له وإن كان فرّ من الزحف " وذكر الحافظ ابن حجر عن أبي نُعيم الأصبهاني الحافظ قال: هذا يدلّ على أنّ بعض الكبائر تُغفر ببعض العمل الصَّالِح، وضابطه الذنوب التي لا توجب على مرتكبها حكما في نفس ولا مال . ووجه الدلالة منه أنّه مَثَّل بالفرار من الزحف وهو من الكبائر، فدل على أنّ ما كان مثله أو ذونه يُغفر، اذا كان مِثْل الفرار من الزحف فإنَّه لا يوجب على مرتكبه حكماً في نفس ولا مال. والحمد لله ربّ العالمين هذا آخر المجلس السادس، نسأل الله التوفيق والإعانة والسداد. وصلى الله وسلّم علَى محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
|
|||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 7 | |||||
|
![]() المجلس السابع من شرح منظومة سلم الوصول للحافظ الحكمي
|
|||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 8 | |||||
|
![]() المجلس الثامن من شرح منظومة سلم الوصول للحافظ الحكمي
|
|||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 9 | |||||
|
![]() المجلس التاسع من شرح منظومة سلم الوصول للحافظ الحكمي
|
|||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 10 | |||||
|
![]() المجلس العاشر من شرح منظومة سلم الوصول للحافظ الحكمي
|
|||||
![]() |
![]() |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|